من المتعارف عليه ومن الحقائق المتفق عليها كل البشر أن الماء ضروري جداً لاستدامة الحياة وبقاء البشر على قيد الحياه بما في ذلك الحيوانات والنباتات.
لقد خلق الله الماء لجميع الكائنات الحية ويجب ان تكون المياه المستخدمة للشرب من قبل الانسان خالية من الشوائب والتلوث غير المرغوب فيه.
بالرغم من أن المياه الموجودة على الارض وفيرة الا أن المياه العذبة الصالحة للاستهلاك البشري تكاد الا تتجاوز 3% من إجمالي المياه المتوفرة ومصدر هذه المياه العذبة ينابيع الانهار والبرك ومياه الامطار والمياه الجوفية.
مياه الشرب اهميته وتلوثه وطرق معالجته |
على العموم هذه المياه ليست صحية وغير آمنه للاستهلاك البشري مالم يتم معالجتها وتنقيتها لتصبح صحية وصالحة للشرب لما لها من أهمية خصوصا مع زيادة الطلب عليها ويزداد هذا الطلب يوم بعد اخر.
تعرف مياه الشرب المعبأة بانها مياه نقية خالية من التلوث والشوائب العالقة والالوان غير المرغوب فيها وخالية من الأحياء الدقيقة المسببة للأمراض ومعبأة بشكل صحي مع سهولة استخدامها.
تعتبر الأمراض المنقولة عن طريق المياه مصدر قلق في جميع أنحاء العالم وقد أنفقت الكثير من الأموال على علاج الأمراض الناجمة عن المياه الملوثة وقد توسع القلق بشأن مشكلة زيادة تلوث المياه الجوفية وكل هذه العوامل أدت الى تعزيز وزيادة الطلب على المياه النقية المعبأة صحياً.
أهمية المياه للانسان
الماء ضروري لبقاء الانسان على قيد الحياه ووجودنا يرتبط ارتباطا وثيق بنوعية الماء الذي نشربه ويعتبر الماء مطهر للجسم وعامل مساعد لاداء الكلى والقولون والامعاء لوظائفهم.
عدم شرب الماء بقدر كافي يسبب بقاء السموم الضارة في الجسم .وفقا لدكتور الطب F.Batmanghelidj مؤلف كتاب "Your Body's Many Cries for Water" فإن جسم الانسان يتكون من 25% مادة صلبة و 75% المتبقية عبارة عن ماء.
لهذا السبب اذا لم يتم شرب الماء بشكل مستمر فإن أجسامنا تصاب بالجفاف والتدهور الوظيفي لاعضاء الجسم الحيوية.
هل شرب مياه الآبار يسبب الامراض؟
ارتفاع تركيز الكائنات الحية الدقيقة في الماء زاد عن الحد الآمن مما قد يسبب شرب مياه الآبار الأمراض نتيجة تلوثها واحتواءها على نسبة عالية من المواد الكيميائية الضارة والسامة وهذا يجعلها غير صالحة للاستهلاك المباشر.
ان تزايد السكان في العالم وتزايد التنمية باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة يزيد من مصادر ثلوث المياه ومن هذه المصادر مخلفات ونفايات الانسان والحيوان و المواد الكيميائية التي يتم التخلص منها بشكل خاطئ ومدافن النفايات وكل هذه المصادر تزيد من خطر تلوث المياه.
ما أهمية معالجة مياه الشرب؟
زيادة الامراض التي تنتقل عبر شرب المياه الملوثة أصبحت مزعجة مما جعل من الأهمية بمكان معالجتها وتعبئتها بطريقة صحية وجعلها صالحة للاستهلاك الآدمي.
من طرق معالجة المياه هي تقنية التعقيم بالأوزون بواسطة التطهير والتعقيم بالاشعة فوق البنفسجية لإزالة الشوائب الميكروبية في الماء.
كم لتر من الماء يحتاج الجسم يومياً؟
وفقاً لخبراء الطب يحتاج الفرد الى إستهلاك ما لا يقل عن 2 لتر من الماء يومياً لتوفير احتياج الجسم من الماء.
تُعرَّض المياه الملوثة صحة كل الناس للخطر و الحصول على مياه نظيفة وصالحة للشرب حق أساسي من حقوق الانسان.
المواد الكيميائية في مياه الشرب
تحتوى العديد من المياه التي نشربها على مواد كيميائية سامة قد يكون وجود هذه المواد الكيميائية نتيجة لعمليات طبيعية أو بسبب أنشطة بشرية ،من أمثلة المواد الكيميائية في الماء.
- الزرنيخ:حددت وكالة حماية البيئة الأمريكية النسبة المقبولة في الماء المنزلي العادي(الحنفي) 10 أجزاء في المليار،تصنف الأكاديمية الدولية لابحاث السرطان (IARC) بأن الزرنيخ مادة مسرطنة من الدرجة الأولى،المستويات العالية منه يزيد من مخاطر الاصابة بأمراض الأوعية الدموية وامراض الكبد والمشاكل الجلدية والاضطرابات العصبية وامراض السرطان.
- الفلوريد:الفلورايد هو مادة كيميائية طبيعية موجودة في الاطعمة والمياه وله أهمية في بناء العظام والاسنان ونموها،لكن التعرض لنسب عالية منه يمكن أن يكون ساماً.
- الكلور:غالباً ما يضاف الكلور الى الماء لقتل البكتريا فاذا تم استهلاك الكلور بكميات كبيرة فقد يكون ساماً ويسبب تلف للخلايا في جسم الانسان.
- اليود:اليود مهم جدا وعكس بعض المواد الكيميائية فان نقص نسبة اليود يمكن أن يؤدي الى مشاكل صحية خطيرة مثل تضخم الغدة الدرقية والتخلف العقلي،يعتبر الماء أحد المصادر الرئيسية لامداد الجسم باليود.
- النترات:المبيدات الحشرية والاسمدة بانواعها هي المصادر الشائعة لوجود النترات في الماء،يمكن أن تؤدي المستويات العالية من النترات في الماء الى تسمم الدم وبعدها الوفاة.
من أمثلة المخاطر الصحية التي يسببها التلوث الكيميائي لمياه الشرب.
- أمراض الجلد.
- أمراض الأوعية الدموية والقلب.
- سرطان المثانة او الرئتين او الجلد.
- تلف الكبد والكلى.
- تلف الجهاز العصبي.
- ضعف الجهاز المناعي.
- العيوب الخلقية.
كم عدد المواد الكيميائية في الماء؟
وفقا لتقرير صادر من مجلة التايم الامريكية فإن عدد المواد الكيميائية في مياه الشرب أكثر من 4000 ماده كيميائية.
هذه المركبات والمواد ناتجة عن الملوثات والمواد الكيميائية التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي والتربة وتصل الى المياه الجوفية.
تقدر هذه الملوثات والمواد في الولايات المتحدة وحدها مايقارب الى 18 مليار رطل في العام 2010 م ،قس على ذلك مايتم اطلاقه في جميع دول العالم وحجم التلوث الذي يهدد البشرية.
يبحث الخبراء والعلماء في الدول باستمرار عن كيفية تأثير الملوثات المختلفة على مياه الشرب وكيف تؤثر هذه الملوثات على الأفراد.
يدرسون باستمرار كيف تؤثر المواد السامة على المجتمع من أجل تحديد العلاقة بين التعرض للملوثات ومدى تأثيرها على الصحة.
واكدوا العلماء بان اي مواد صنفت بانها مسرطنه او سامه ليس لها عتبه او نسبه يمكن التعرض لها يوميا وتكون آمنه وقد تكون ضارة على اي نسبة من التعرض.
ماذا يقصد بالامراض المنقولة بالمياه؟
يقصد بها تلك الامراض التي تنشأ من تلوث المياه عن طريق أفرازات جسم الإنسان و/او الحيوان المصابة بالفيروسات او البكتيريا المسببة للامراض.
قد تنشأ الامراض بسبب ملامسة شخص لشخص أخر او من من خلال ملامسة اسطح ومواد ملوثة او مصابة بمسببات الامراض وهنا تبرز أهمية النظافة الشخصية للتقليل من هذه الأمراض.
قد تنشأ هذه الامراض نتيجة مسببات الأمراض المنتقلة من الكائنات الحية المصابة بواسطة احتياجها للماء في الانهار او الآبار او حتى خزانات مياه المنازل.
تتصل هذه الكائنات المريضة بالماء مما يؤدي الى انتقال يرقات الطفيليات الى الماء وبعدها تنتقل من الماء الى البشر مما يؤدي الى انتشار وتفشي المرض.
كما قد تنتقل بواسطة الحشرات والديدان المصابة التي تتخذ من الماء موطناً لها او تلامسه وهي مصابه والتي قد تسبب انواع من الامراض مثل الملاريا وحمى الضنك.
ماهي أشهر الامراض المنقولة بالماء وما مسبباتها؟
وفقاً لنظام تبادل المعلومات الدولي التابع لمنظمة الصحة العالمية فإن أكثر الأمراض التي تسببها المياه الملوثة هي.
- أمراض الإسهال.
- الكوليرا .
- التيفوئيد(التيفود) Typhoid .
- نظيرات التيفوئيد Paratyphoid .
- السالمونيلا.
- داء الجيارديا (Giardiasis).
- وداء cryptosporidiosis .
- الملاريا.
- حمى الضنك.
- الحمى الصفراء .
هذه الامراض لها مسبباتها، من هذه المسببات البكتيريا والفيروسات والطفيليات والتي تعتبر قابلة للانتقال لكونها لديها القدرة على الانتشار عن طريق المياه الملوثة و/او ناقلات الأمراض الاخرى.
المسببات الاخرى للامراض هي براز الحيوانات والبشر والاتصال من شخص لاخر والغلاف الجوي وتناول الطعام والذي ينتج عنها الامراض المنقوله بالغذاء كالتسمم.
كل هذه المسببات تؤدي الى تراكم البكتيريا الممرضة في الانسان وهذا الانسان يسبب العدوى لغيره عن طريق مياه الشرب العامة مما يصبح المرض شبيه للوباء.
تحدثت الامم المتحدة في اليوم العالمي للمياه للعام 2022 بانه يموت سنوياً مايقارب 1.4 مليون فرد بسبب الامراض المنقولة بالمياه،وهذا مايلزم المستهلكين بالوعي الصحي والبيئي لتفادي مثل هذه الامراض.
حماية جودة مياه الشرب
الطريقة الاكثر فعالية هي الرقابة والتحليل لمصادر مياه الشرب وقبل تسويق وتوزيع مياه الشرب من المهم التحقق من أن نوعية المياه تلبي معايير واشتراطات مياه الشرب الآمنة.
لا يتم توزيع اي مياه للاستهلاك البشري مالم يتم التأكد من مصدرها فمثلا اذا كان ياتي الماء من بئر فيتم التحقق من موقع البئر وبعده عن القمامه وهل محصن من دخول مياه الامطار والفيضانات ومعزول عن الملوثات الاخرى كأقل مجهود لحماية تلوث المياه.
طرق معالجة مياه الشرب
إن المعالجة والتعامل المناسبين مع مياه الشرب أمر ضروري ليس لجودة المياه فقط ولكن أيضاً لصحة الإنسان.
تعتمد معالجة المياه على عدة عوامل:- نوع المصدر الاساسي للمياه وعدد الاشخاص الذين سيقدم لهم الماء ومحطة انتاج المياه.
مياه الشرب التي لا تتطلب الكثير من المعالجة او التي سيتم تقديمها لعدد صغير من السكان (كافراد العائله)،يمكن معالجة المياه بواسطة مرشحات تنقية المياه(فلاتر تباع في الاسواق).
هناك اقراص التطهير لمياه حيث توضع حبه واحده من الكلور قرص واحد 10 جرام او 20 جرام لكل 1000 لتر من ماء الخزانات او احواض السباحه و 1 ال 3 جرام لكل 1000 لتر من مياه الشرب(٢٢ ملجرام لكل 20 لتر ماء وتترك نصف ساعه قبل الشرب).
النسبة الآمنه حسب منظمة الصحة العالمية للكلور في مياه الشرب يجب الا يتجاوز 1.5 جرام لكل 1000 لتر.
يمكن معالجة المياه بواسطة غليها لإزالة مسببات الأمراض حيث اظهرت الدراسات ان غلي الماء لمدة دقيقة واحدة يمكن أن يزيل معظم او كل الملوثات المسببة للامراض.لكن غلي الماء لا يزيل السموم الكيميائية.
ووفقا للباحثين ليست كل الكائنات الحية والملوثات الموجودة في مياه الشرب ضارة طالما انها لا تتجاوز قيم السلامة التي حددتها منظمة الصحة العالمية.
كما ان ازالة الملوثات لا تضمن زيادة السلامة على صحة الانسان وانما فقط الحد من المخاطر الصحية المحتملة المنقولة عبر المياه.
الخاتمة
الماء هو جوهر الوجود الاساسي وبدونه سيتوقف شريان الحياة على الارض ووجد من آجل ضمان استمرار الحياة البشرية.
يجب علينا ان نعمل معاً ونقوم كلاً بدوره لتحسين جودة مياه الشرب.
على الباحثين والأكاديمين القيام بدورهم في الفحص والتحليل للتوصل الى طرق معالجة لتحسين مياه الشرب بناء على قاعدة"عندما تكون نوعية مياه الشرب جيدة تكون بلا شك صحة الإنسان جيدة ايضاً".